كنت قد انتهيت من قراءة ثلاث كتب حول تقنيات الكتابة... ثم توقفت. لماذا؟ لأنني شعرت أنني رغم المعرفة، لا أكتب شيئًا يُرضيني
بعد أن بذلت مجهودًا كبيرًا في شحذ مهاراتك في التعرف على الوصف الأدبي، وأنواع وجهات النظر، وكيفية كتابة الشخصيات والحوارات بشكل واقعي. بدأت العوائق في الظهور أمامك، ومن ثم وصلت إلى باب مسدود، وتوقفت عن التقدم.
تأتي التحديات بأشكال عديدة، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي. وسواء كانت العوائق من الداخل أو من الخارج، فإن على الكاتب التملص منها ومنعها من التمكن منه.
إن توقع العوائق قبل حدوثها يفيد في تجنبها، لذلك في هذا المقال سوف نتحدث عن أكبر المعوقات التي قد يواجهها الكاتب.
عشرة عوائق تواجه الكُتاب:
١- عدم اليقين من الموهبة:
بعض الأحيان تكتب نصًا يثير إعجابك وتغتر بنفسك، وفي مرات أخرى تقرأ النص الذي كتبته للتو وتشعر بالخزي والحزن. هذا لا يعني انعدام الموهبة، بل إن هذا الأمر طبيعي.
وجهة نظر الشخص تجاه ذاته تختلف حسب ما يشعر به في اللحظة، وحسب ما يحدده الأخرون من حوله -حتى وإن أنكر ذلك-. بمعنى آخر فإن موهبتك الحقيقية لا تتأثر بمقدار تقديرك لها.
لا تشتت كل أحلامك بيديك لأنك فقدت الأمل بنفسك في لحظة، لأنك سوف تستعيد الأمل في موهبتك من جديد بعد فترة من الزمن وإن طالت.
وتذكر دائمًا أن الموهبة وحدها لا تنتج كُتبًا ناجحة، وأن على المرء صقل الموهبة إن وجدت لديه، والعمل على تنميتها.
اطلع على مقال: الكتابة بين الموهبة والتعلّم: كيف تُصبح كاتبًا عبر القراءة؟
وأيضًا مقال: هل أنت موهوب في الكتابة؟ 6 علامات تدل على أنك كاتب بالفطرة
٢- الخوف من الفشل:
يمتنع الكثيرون عن البدء بسبب الخوف من الفشل. والسؤال الذي يجب طرحه هو "ماذا لو فشلت؟"
هل أنت متحسر على كل الوقت الذي أضعته في الكتابة؟ لا وقت مهدر، بل هي خبرات تضيفها لرصيدك.
هل أنت متعب من مقدار الجهد الذي بذلته؟ يمكنك أخذ قسط من الراحة لإعادة الشحن.
هل تخشى ألا تصل للنتيجة المطلوبة؟ سوف تقترب خطوة بالمحاولة، حتى لو لم تع ذلك، كل خبرة تكتسبها تزيدك حكمة. كما أن السعي مطلوب حتى وإن لم تصل لمبتغاك.
ملخص الأمر هو أن الخوف من الفشل أسوأ من الفشل ذاته. احذف الفشل من قاموسك وسوف يسهل عليك البدء، وبعد البدء لا تخشى أن تعاود الكرة مرات عديدة حتى تنجح.
جرّب أن تكتب مسودة "للعيون المغلقة" لا يراها أحد، فقط اكتب دون حكم، ثم انظر لاحقًا.
٣- الخوف من الانتقاد
نشأ الإنسان وهو يستمد طاقته من ثناء الناس ورضاهم، يبدأ الأمر بالوالدين والأقربين، ومن ثم المعلمين والأصدقاء. تغذى على ذلك وأصبح هذا ما يتوقعه في كل عمل يتمه. ونتيجة لذلك أصبح يخشى أن يصل لمن لا يرضى عن عمله ويبدأ بانتقاده.
نظن دائمًا أن الناس يقفون لنا بالمرصاد عند كل منعطف نسلكه، ويكنون لنا العداء، ويحيكون لنا المؤامرات. ولكن الحقيقة هي أن الأشخاص لا يعيروننا الاهتمام الذي نظنه.
وإن أنتقدك أحدهم فإن هذا متوقع ولا يجب أن يؤثر ذلك على ما تريد فعله.
تذكر أن الانتقاد لا يحدد قيمتك ككاتب، بل قد يساعدك على التحسن إن أخذته من مصادر موثوقة.
٤- التسويف
التسويف عدو لكل شيء في هذا العالم.
بعد أن جهزت الأدوات وخططت لمشروعك الكتابي، وخصصت الوقت والمكان للكتابة، ورسمت الحدود لمن حولك. قررت أنك سوف تبدد كل هذه الجهود وتمتنع عن الالتزام بالخطة التي وضعتها.
تبدأ بالتعلل بالظروف، عدم وجود الإلهام، ومن ثم تتوقف عن الكتابة عدة أيام حتى تنسى مشروعك تمامًا، وينتهي المشروع الذي ظهر برهة للنور في جعبة النسيان.
قد يحول التسويف المشاريع المبهرة إلا حديثٍ لم يكن، ولن يكون له وجود.
٥- الإسقاط على حياتك الشخصية:
قد يبدأ من حولك بالإسقاط على حياتك الشخصية، ظنًا منهم أنهم يظهرون اهتمامهم بأعمالك وهم لا يدركون أن الأمر قد يضايقك.
ممن استوحيت شخصية البطل؟ وهل الأحداث في الكتاب حقيقية؟ يبدأون بخلط الأمور وجعل من حياتك امتدادًا للقصة.
قد تعني لك القصص التي تكتبها شيئًا لا تود الإفصاح عنه، قد يكون مصدر الإلهام حديث نفس دار في خلدك، أو حدث فاصل غير مجرى حياتك.
أيٍا كان مصدر الإلهام فهو غير واضح المعالم في الكتابة، ولا تنوي أنت مشاركته، ويبدأون هم بمحاولة جر الاعتراف منك.
٦- ظروفك القاهرة:
مهما كنت ملتزمًا وعازمًا فإن الظروف فوق كل شيء. وظيفة عالية المتطلبات، أو أطفال يحتاجون منك الرعاية والانتباه لساعات طويلة، أو ظروف أخرى خارجة عن التحكم.
ليس من الواقعي أن تتجاهل التزاماتك الأخرى وتعتكف الكتابة. بل الأجدى أن تجد مكانًا من بين انشغالات الحياة الأخرى.
قد تضطر للاستيقاظ مبكرًا، أو الاستغناء عن أمور ثانوية غير ضرورية (مثل مشاهدة التلفاز، أو التنقل بين وسائل التواصل الاجتماعي).
لا تجعل ظروفك القاهرة عذرًا لأي عمل تود القيام به.
٧- عدم الرضا مما تكتب:
من الطبيعي أن تنقد كتاباتك وتدفع بها للتحسن، ولكن كما نخشى نقد الآخرين، انتبه من نقد الذات الذي يوصل إلى درجة التوقف عن الكتابة.
سوف تتحسن كتابتك مع الوقت، ولا تتوقع أن الكتابة سوف تكون مثالية من المسودة الأولى.
اقنع بما لديك ولا تقسو على نفسك، وفي نفس الوقت ثابر وواصل التحسن.
يمكنك الاطلاع على المقالات الأخرى على هذه المدونة التي تخص تعلم الكتابة الابداعية:
-ثمانية نصائح بسيطة تحسن من كتابتك
-خمس خطوات لكتابة حوارات واقعية تحرك قصتك وتظهر شخصياتك.
-وجهات النظر في الكتابة الروائية.
-خمسة أخطاء يرتكبها المبتدئين في كتابة القصص والروايات.
وغيرها الكثير في قسم المقالات
٨- عدم وجود الحالة الكتابية:
لقد دخلت المنزل للتو بعد ساعات طويلة قضيتها في الخارج، ما بين رئيس متطلب وعميل تخدمه. ها أنت ذا قد وجدت وقتًا لنفسك أخيرًا، وتقرر أن تسترخي فيه بدل أن تقوم بعمل مجهد آخر مثل الكتابة.
يصعب عليك أن تخرج من الحالة الذهنية المتسارعة، وتدخل على الفور في عملية الكتابة الابداعية. تحتاج إلى استقطاع بعض الوقت لتجهيز نفسك للكتابة.
يظن البعض أن الحالة الكتابية تخلق نفسها، ورغم أن هذا قد يحصل أحيانًا، إلا أنها في الواقع حالة أنت تجبرها على نفسك.
اطلع على مقال: الكتابة تبدأ قبل القلم: خمسة خطوات للاستعداد للكتابة.
٩- السُدة الكتابية:
قمت بطقوس الدخول للحالة الكتابية، وأبعدت عنك الازعاج، وجهزت الأدوات التي تحتاجها، وجلست في ركنك للكتابة بعيدًا عن المشتتات. لا ترى أمامك سوى الورقة والقلم. ولكنك لسبب تجهله تعجز عن الكتابة.
يمر على الكاتب خلال فترة حياته مرحلة يطلقون عليها السُدة الكتابية (writer's block)، وهي حالة يعجز فيها عن الكتابة رغم كل المهيئات الصحيحة. وهي لا تصيب الكُتاب وحسب، بل تصيب أي عمل يمكن للمرء القيام به.
من الدلائل عليها:
· العجز على البدء أو الاستمرار في الكتابة.
· عدم المقدرة على توليد الأفكار الإبداعية.
· عدم المقدرة على اختيار المفردات الصحيحة.
· الملل والمماطلة.
ومن أسبابها:
· التوتر والقلق.
· عدم وجود ما يلهمك من حولك.
· الاحتراق (burnout)
· السعي للمثالية والخوف من الفشل.
· التسويف.
· المشتتات الخارجية والظروف.
١٠- عالم النشر الغامض:
ما الذي يقبع بعد كل هذه الساعات الطويلة من الكتابة؟ هل سوف توقع عقدًا مع دار نشر وتضع كتاباتك على الأرفف؟ أم أن دور النشر سوف ترفضها تباعًا حتى تفقد الأمل من نشرها.
لا تمتنع عن عمل شيء خوفًا من الخطوة التي تليها، بل تعلم عنها حتى يختفي الغموض وتعلم خطوتك التالية.
اسأل أصدقاءك الكتاب، أو تواصل مع دور النشر، أو اقرأ عن تجارب من سبقك في النشر والتوزيع.
بعد أن تقشع الضباب حول عالم النشر الغامض، سوف تجد نفسك متحمسًا لا متخوفًا مما يلي.
يمكنك أيضًا الاطلاع على مقالنا الذي يتعلق بطباعة كتبك الخاصة، والذي تحدثنا فيه باختصار عن الفروقات بين أنواع النشر.
وهذه كانت عشرة أسباب تمنع الكاتب من ممارسة الكتابة. تعرف على الأسباب وسوف تجد نفسك أقدر على حل المشكلة.
اطلع على المزيد من المقالات من خلال الضغط هنا
واتركوا لنا الأسئلة والمقترحات في التعليقات.
0 تعليقات