قد تبدو الرواية للوهلة الأولى ضربًا من الفانتازيا المحضة، أو مغامرة في الغابة، وهي بالفعل كذلك.
ولكنها أيضًا رحلة اكتشاف ذات لشخصية عالقة في عالم غير مألوف. تبدو كمحاولة للنفاذ عبر التخبط.
![]() |
الغلاف الأولي المصمم من قِبل الكُتاب |
كيف بدأنا؟
كل الأمور الابداعية في هذه الحياة تبدأ بفكرة. والفكرة بالنسبة للضائع كانت انطلاق كل شيء.
ما الذي دفع طالبة الطب في ذلك الوقت "مآرب"، وصديقتها "وعد" من العلاج الطبيعي، على التمسك بفكرة تحتاج نفسًا طويلًا، وتفرغًا مستمرًا، وهما من تخصصات جامعية تستدعي التزامًا وتفاني.
كتابة الروايات ليست عملًا سهلًا، هي عملية تستهلك جميع خلايا الدماغ في إدرار الأفكار، وتستغرق الكثير من الوقت للجلوس وصب هذه الأفكار. عملية معقدة من اختراع الأحداث، وصناعة الشخصيات، ومن ثم تجسيدها كأنها واقع، حرفًا يتلو حرف.
لقد قضوا أيامهم الجامعية بين الأفكار الابداعية. كانت مشاريعهم الخالية من المعنى لبعض الناس، هي قوتهم وهوائهم. حتى في أوقات الامتحانات والمشاريع الكبرى. ولكن الروايات لم تكن إحداها حتى اللحظة.
عملوا على سلسلة مانجا "مافي اسم" والتي تتناول شريحة من حياتهم اليومية، وفيديوهات قصصية نُشرت على اليوتيوب، ومواقع الكترونية تحتوي على مقالات، وقصص قصيرة، والكثير من الاعمال الاخرى. منها ما اندثر ونُسي، ومنها ما هو قائم حتى الآن.
في تلك الأيام أدلت وعد بفكرة ونسيت أمرها، بينما ظلت الفكرة تدور في رأس مآرب حتى صارت واقعًا ملموسًا.
-"فلنكتب رواية عن شخص ضاع في الغابة"
-"تم"
هذا كان جل الحوار الذي جرى بينهم.
لم تكن رواية الضائع عمل فُكر به بعمق، بل دخل مرحلة التنفيذ على الفور. اسم الرواية كان أول اسم تبادر للأذهان، والشخصية الرئيسية والأحداث الأساسية كانت وليدة اللحظة. كل فكرة تظهر نفسها عند المنعطف وتفرض نفسها.
مرحلة العمل:
مرت الأيام الدراسية سريعًا، وإذا بمآرب ترسل إلى وعد بعد مدة ٣ فصول من الرواية. واضطرت لشرح الفكرة مرة اخرى لكي تتذكر الاتفاق.
نُسيت هذه الفصول عدة شهور أخرى، وانشغل كلٌ منهما في حياتهم الخاصة. كانت مآرب تنتظر رد وعد على النص الذي كُتب، بينما اتخذت وعد النص هواية قليلة الزيارة. عدلت على النص قليلًا، واضافت عدة فصول، ولكنها لم تنه كتابته.
أُعيد ذكر الرواية من جديد في وقت الجائحة عام ٢٠٢٠. بيوت مغلقة، وشوارع شاغرة، وقلوب مضطربة. كان على شيء أن يملأ وقت الفراغ وإلا جُن الناس.
تناولت مآرب النص من جديد واعتكفته شهرًا كاملًا، حتى كتبت النهاية. بعد مضي أكثر من عام عليها وهي معلقة.
ومثل مشاريعهم السابقة توقعوا أن توزع على الأصدقاء، ويحتفي بها الناس حولهم لفترة من الزمن، ومن ثم تُطوى وتُنسى.
طُبعت نسخ أولية ووُزعت على الأهل والأصدقاء. قرأها الناس، وأعطى كلٌ منهم انطباعه، وظن وعد ومآرب أن المهمة قد انتهت، وحان الوقت للبحث عن مشروع جديد.
ولكنها لم تنتهِ…
مرحلة النشر:
ألح الأهل على موصلة المشوار، ونقل الرواية عن طريق النشر. أرسلت مآرب النص لإحدى دور النشر التي وقع اسمها في مرمى البصر، تحديدًا على المكتب الذي كانت تعمل عليه، في الكتاب التي كانت تقرأه في تلك الفترة. هكذا دون خبرة في النشر، ودون بحث مكثف عن النشر، دون حتى أن ترفق ملخصًا للرواية، أو أسماء من عملوا عليها.
ومن ثم نسيت أمرها…
بعد فترة وجدت ردًا من دار النشر، تفيد فيها أنهم قد عادوا للعمل بعد الجائحة وأنهم سوف يطلعون على النص. وطلبوا المزيد من المعلومات.
أرسلت المطلوب وعادت لانتظارها غير المترقب.
وجاءها الرد بعدها بفترة بسيطة.
"نفيدكم بأن لجنة القراءة قد وافقت على نشرها"
وهو ما لم يكن في الحسبان.
إن رواية الضائع هو عمل أولي، غير مثالي من وجهة نظر الكُتاب. ولم يسبقه عمل يشابهه، ولا خبرة. ولكنه يظل عملًا محببًا للقلب.
تم نشر الرواية في العام الذي يليه، وطباعة نسخ ملقحة ورسمية، بدل التي طبعها مآرب ووعد للأصدقاء. ورغم العوائق التي واجهتهم في النشر، إلا أنها تظل رواية كتبها الضائعون عن الضائعين.
هل قرأت الضائع بعد؟
إنها رواية عن الفقد، وعن تلك اللحظة التي لا تعرف فيها من أنت أو أين أنت… ولكنك تواصل السير.
اطلبها من موقع نيل وفرات عبر الرابط التالي:
"كلنا تواتينا الافكار، ولكن الاصرار عليها هو ما يحولها لواقع"
0 تعليقات