في قصة كانت وتكاد ألا تكون، في عصر يسبق عصرنا بعصور، في قصر واقع على ضفة شاهقة. لا يعلوه سوى السماء بفضائها الواسع، مجتث من الأرض كأنه شجرة نبتت منها، وخمسة أمتار فقط تفصله عن الهاوية، ولا أحد يعلم إلى أين تؤدي الهاوية فلم يتجرأ أحد على النظر للأسفل يومًا.
وكانت تسكنه أختان اتفقتا على أن تتشاركا أعباء المنزل لتتيسر معيشتهما ولا يزيد الحمل على إحداهما دون الأخرى.
وفي يوم من الأيام خرجت إحداهما للتنزه ووجدت إصبع أيلاينر مرمي بين الصخور، كان يتيما وكأنه سقط من السماء، أو اقتطع من شجرة وقذفته الرياح إلى أرض بعيدة.
أخذته وكلها فضول وعادت للقصر تجرب كنزها المكتشف، ومن هنا بدأ كل شي يتهاوى.
قضت ساعات وساعات تتدرب على طريقة وضعه. بدأت بوضعه على شفاهها كتجربة أولى، وأصبح شكلها كوطواط خارج من كهف معتم، فأيقنت أنها فكرة غير سديدة، وأتبعت تلك التجربة بوضعها على أظافرها، ولكنها جعلت بشرتها تبدو شاحبة. وهكذا استمرت المحاولات حتى استقرت على وضعه على جفنها، فالرمش أسود والأيلاينر يبرزه.
سرعان ما لاحظت الأخت الأخرى تراكم الأعمال المنزلية واعتكاف أختها للغرفة دون أن تقوم بواجباتها. ألقت ما بيديها سخطا وذهبت تباغت أختها وهي تتدرب على رسم الأيلاينر.
وقفت دقائق تستمع إلى تبريراتها الواهية حتى تعرفت على الأداة الجديدة التي خطفت أختها وأنكرت فعلها المشين. كيف لإصبع سخيف أن يستحوذ عليها ويمنعها من القيام بواجباتها؟ فاحتجت الأخت المهملة أن على المرء أن يرفه عن نفسه قليلا ولم تستجب لمطالبها بالعودة للعمل.
تعاركتا حتى نفذت خصلات شعرهن، وتمزقت أكمام فساتينهن.
وقع نظرهما على المرآة صدفة وارتعدتا من المنظر. خطفت الأيلاينر من يديها وباشرت برسم خصلات شعر مزيفة تستر رأسها الصلعاء، وتبعتها الأخرى بالخطف والرسم دون أن تترك لها مجالا لتغطية كامل فروتها حتى نفذ الأيلاينر. نفذ الأيلاينر ونفذ معه رغبتهم بالحياة.
لم تقترب إحداهما من الهاوية يوما. لكنهم في هذه اللحظة قامتا بالسعي نحوها جريا مصدرين بذلك حكم الإعدام على نفسيهما.
ومن يومها والايلاينر مرتبط بالهاوية التي يسبق السقوط فيها الهلع.
النهاية.
0 تعليقات