عمر الهارب - الجزء الثاني من أروى السفاحة

عمر الهارب - الجزء الثاني من أروى السفاحة


كانت في قلبي ثلاث أمنيات، الأولى هي أن أطيع الله وأسعى لرضاه، والثانية هي أن أصبح طبيبًا، والثالثة هي أن أنجو من السفاح الذي يلاحقني.

 

فلنعد من البداية. يحكى أن سفاحًا قد حاصرته جدران مبنى المهارات السريرية (سكل لاب) في سبيل ممارسة هوايته الشيطانية، ولقي حتفه في إحدى الليالي المظلمة وهو يصارع للحفاظ على سمعته.

 

هذا ما يُروى ويتداوله الناس، لكنني أنا رأيت كل شيء بعيني. السفاحة أروى لم تمت، وهي تلاحقني وحياتي على المحك.

 

هل تظنون أن بضعة إبر رفيعة ستقضي عليها؟ يوم جنازتها انتظرت رحيل الجميع، ومن ثم خرجت من حفرتها لتجسد تخيلاتها على الواقع. لم تعد على قيد الحياة في حسبة البشر ولذلك لم تجد ما يكبحها عن ممارسة هوايتها بحرية مطلقة.

 

لاحقتني ظلالها حتى فكرت في التخلي عن أمنياتي والالتجاء إلى العزلة، أو الهرب إلى مجرة أخرى، أو السقوط من أعلى جرف لعلي أتخلص من معاناتي. لكن مع كل طريق أسلكه أجدها أمامي. تبعتني حتى عندما انضممت لنادي طب النساء والولادة بالجامعة. لم أكن أعلم أن السفاحين مهتمون بولادة حياة جديدة!

 

هي تعلم أنها نالت حريتها من العالم، وأصبحت منعدمة الوجود بالنسبة له، لكنها تخشى أن أقوم أنا عمر بفضح خططها وتقييد مخططاتها.

لا تسألوني كيف انضمت إلى النادي وهي ميتة، فهذا ما سآتي لذكره لاحقًا، ولكنني في البداية ظننت الأمر كله من ابتداع خيالي. جزء مني مرتعد الفرائص، والآخر يكذبه.

 

بدأت لقاءات النادي عن بعد بسبب جائحة كورونا. اطمأننت لذلك، فحتى السفاحون يخشون المرض. ولكن الصدمة الكبرى حصلت عندما فتحت هاتفي ذات يوم، ووجدت رسالة تدعونا لأول لقاء خارج العالم الافتراضي.

 

اضطربت معدتي وصرت أبحث بيد مرتجفة عن ماء يسقي حنجرتي الجافة، وفكرت في المآل الذي ينتظرني، وأغراضي التي سيرثها الناس من بعدي.

 

وتبع تلك الصدمة صدمة أخرى ألقاها إلي (الليدر يزيد) متمثلة في رسالة صوتية "اختاري يا أروى السلاح الذي تريدينه واقضي عليه به". عندها أدركت أنه شريك في الجريمة، وأنه من ساعدها على دخول النادي.

 

كان لدي خيارين، إما أن أهرب لأبعد مكان، أو أن أواجه مصيري. وقررت المواجهة لأنني (عمر) العمر المديد، ولا يهزمني يزيد ولا أروى.

 

دخلت من باب الطوارئ متسلحًا بشهامتي، وأنا أتلفت عن يميني وعن شمالي وكلي ترقب. لكن المصائب تأتي من حيث لا ندري. صدرت فجأة صرخة مدوية أفقدتني تركيزي، وتبعها رمية ساطور قضت علي.

 

أخذت معي ما شهدته في مبنى المهارات السريرية ذلك اليوم، وما أحمله من أسرار تفضحها إلى حفرة ليس لها قاع.

استهنت بالأعداء وهذا كان جزائي.

 

النهاية.

 

الجزء الأول - أروى السفاحة

الجزء الثالث - حقيقة الهارب



 



إرسال تعليق

0 تعليقات