لدى البشر اهتمامات لا تحصى، منها ما هو شديد التناقض كقطبين لا يلتقيان، ومنها ما هو متشابه حد التماثل.
هذه الاهتمامات تكون مثل الأحجية التي تجتمع مع بعضها لتكون لنا الصورة الكبيرة التي نألفها حتى نمتنع عن تحليلها، ونعيش بداخلها وإن بدت بعض الأمور فيها غير منطقية، وهي فيما بعد تقرر عنا وتملي علينا ما يثير اهتمامنا ونسلمه وقتنا، وما نهمشه ولا نعيره انتباهنا.
كل هذه المقدمات لنتحدث عن بطلة قصتنا شروق. اهتمامات شروق لا تبدو ناضجة للعيان، ولا يسهل على المرء أن يقرأها من خلال تصرفاتها الحازمة ونظراتها الجدية.
من بين أمراض الدنيا الشائعة -والتي ان جمعت الذين يعانون منها لشكلوا سكان الكوكب بأكمله- تختار أن تذاكر وبكل شغف أكثر الأمراض ندرة، تلك التي لا نعلم سوى اسمها ولا نراها في عمرنا القصير أبدًا.
ومن بين العقلاء من المرضى فضلت التعامل مع ذوي الذهن المضطرب.
ولكن كل هذه الأمور جانبية ولم ندخل في صلب الموضوع بعد. لدى شروق اهتمام سري لا يعلم عنه أحد. فهي تستيقظ كل يوم الساعة السادسة صباحًا، والذي يبدو أمرًا اعتياديًا، ولكنها عندما تستيقظ لا تجلس لتناول الافطار، ولا تغرق بين الكتب لاستذكار الدروس، ولا تتسمر أمام المرآة نصف ساعة للتجمل، فكل هذه الأمور ليست من اهتماماتها.
عندما تستيقظ شروق تتلفت يمنة ويسرة للتأكد من خلو المكان، وتطمئن أنها في خلوة لن يفسدها أحد-حتى جوالها-، ومن ثم تجمع ما تجده من ملابس، وتنصرف لكي الملابس حتى يحين موعد الخروج.
وأحيانًا تنغمر بشدة فيما تفعله ويفوتها موعد الخروج، وتوجد أقوال أنها تراقب موعد الخروج من ساعة الحائط التي أمامها وتتعمد تجاهله.
كان أمامها المساء بطوله ولكنها اختارت الفجرية والناس نائمون وهكذا تشبع اهتماماتها.
حقًا، من كان يظن أن لأطباء النفس ميولًا في الأشغال المنزلية.
0 تعليقات