إن كتابة القصة عمل إبداعي ليس له قالب واحد. يمكن للكاتب أن يكتب قصة دون قواعد بشكل حر تمامًا وينتج لنا عملًا أدبيًا مميزًا. وفي هذه الحالة لا تحتاج لهذا المقال، احفظه لوقت آخر.
يلهم الكاتب موقف بسيط، أو جملة عشوائية، أو حتى نقطة على الحائط، ولكن هذا ليس هو الدائم المستمر، ولا ينطلق الإبداع دون كوابح دائمًا.
يصل الكاتب لفترات من الركود الفكري، ويكون بحاجة للاستمرار في الكتابة رغم توقف سيل الأفكار. وفي هذه الحالة من الأمور التي تساعد الكاتب هي وجود خطوات منهجية يتبعها ليصل للفكرة وينتج العمل الأدبي.
في الجزء الأول من المقال سوف نتحدث عن مكونات القصة، عناصرها، وأركانها التي ترتكز عليها. بعد ذلك نذكر لكم خمسة خطوات تسهل كتابة أي قصة.
إن وجود الالهام دائمًا هو أمر غير واقعي حتى مع الأعمال الإبداعية. فلا يوجد شخص مُلهم ومتحمس طوال الوقت.
"عندما تعلق في المنتصف خذ خطوة للخلف واسترجع القواعد والخطوات الأساسية، عندها ستجد ثغرة تتسلل منها"
ولقد تحدثنا عن ذلك في مقال كيف تكتب أكثر في وقت أقل؟ ستة طرق لزيادة الإنتاجية في الكتابة و الكتابة بين الموهبة والتعلّم: كيف تُصبح كاتبًا عبر القراءة؟
أولًا: عناصر القصة؟
ماهو الموضوع الذي تتناوله القصة؟ وكيف تستطيع توصيله للقارئ من خلال النص؟ يكون ذلك بتوظيف العناصر الأساسية في خدمة قصتك.
ما هي عناصر القصة:
١- الفكرة: وهي جل ما تريد توصيله للقارئ. قد تتناول الفكرة عبرة، نقدًا اجتماعيًا أو تأملًا فلسفيًا.
٢- الحبكة: تسلسل وارتباط الأحداث بعضها ببعض. في العادة تتفاقم الأمور حتى تصل إلى حل في النهاية.
٣- الشخصيات: هم محور القصة وصانعيها. على الشخصيات أن تتناسب مع القصة وعلى النقيض على القصة التي تسري بشكل يتوافق مع الشخصيات الرئيسية.
٤- الزمان والمكان: وهو البيئة التي تجري فيها أحداث القصة.
٥- السرد: وهو الأسلوب الذي تُروى به القصة، وهو يعتمد على وجهة نظر الراوي، للمزيد اطلع على مقال وجهات النظر في الكتابة الروائية.
٦- الصراع: هو التوتر أو المعارضة بين قوى متعارضة. يضيف الصراع عنصر التشويق للقصة ويحرك الأحداث ويطور الشخصيات. ابدأ بسؤال: "ما الذي يمنع بطلي من الوصول إلى هدفه؟" الإجابة هي بداية الخيط لصراع قوي وجذاب. تحدثنا عنه في خمس طرق لتحويل تجربة شخصية إلى قصة أدبية.
كل هذه العناصر تمثل الهرم التكويني للقصة. عليك أن تحدد كل هذه العناصر وتعمل على تعبئة الفراغات في قصتك من خلال استخدامها.
ابدأ بتحديد الفكرة والحبكة، ومن ثم أضف الشخصيات وشكلها كما تريد. اختر الزمان والمكان وارسم العالم من حول هذه الشخصيات التي بنيتها. أعطهم قضية يناقشونها وصراعًا يخوضونه، وسوف ترى القصة تتشكل أمام ناظريك.
بتحديد العناصر أنت تجعل تصورك للقصة واضحًا وهذا يسهل فيما بعد كتابتك لها.
مثال: تدور القصة عن مجموعة طلاب في جامعة ظالمة تهضم حقوقهم. تتحدث في البداية عن معاناتهم وتعايش أجيال منهم على الظلم والعدوان. بعد ذلك يولد منهم جيل يرفض الخضوع ويجتهد في دفع العدوان.
في هذا المثال سوف يكون السرد من وجهة نظر هؤلاء الطلاب. يتضارب صراعهم الخارجي (وهو الظلم) مع دواخلهم التي لا ترضى بالظلم ويبتكرون طرقًا لتخليص أنفسهم.
ليس عليك أن تعلم كل حبكة في القصة منذ البداية ولكن تحديد العناصر يساعدك على تنقية المهم من الأقل أهمية. ويساعدك في كتابة مسودة مبدئية.
ثانيًا: خمس خطوات لكتابة أي قصة:
بعد أن تحدثنا مطولًا عن مكونات القصة وعناصرها. آن الأوان لتطبيق الأساسيات التي تعلمناها في خطوات عملية سهلة.
إن هذه الخطوات الخمسة تستهدف الكاتب المبتدئ الذي لا يعلم من أين يبدأ، والكاتب المتمرس الذي فقد القدرة على الإنتاج من الإلهام. يستطيع الكاتب وضع هذه الخطوات أمام ناظريه وإيجاد طريق يوصله للهدف.
1. حدد فكرة القصة الأساسية
بعد أن قمنا بتوضيح المفاهيم بالأعلى، استخدم ما تعلمته للإجابة على الأسئلة التالية:
- ما هو موضوع القصة؟
- من هو البطل؟ ما مشكلته أو هدفه؟
- ما الصراع أو العقبة الرئيسية التي تواجهه؟
2. اصنع الشخصيات والعالم
- صمّم شخصيات واقعية أو خيالية بدوافع واضحة.
- أنشئ عالمًا مناسبًا لطبيعة القصة (مدرسة – مستشفى – كوكب آخر...)
- اجعل الشخصيات تتفاعل بشكل منطقي مع العالم.
3. ارسم مخططًا للأحداث
- قسم القصة إلى: بداية، وسط، نهاية.
- اجعل البداية جذابة قدم فيها البطل وارسم العالم الذي يعيش حوله.
- اجعل الأحداث تتصاعد تدريجيًا بظهور العقبات.
- لا تنس الذروة في المواجهة الكبرى، ويتبع ذلك خاتمة بحل الصراع أو ترك النهاية مفتوحة.
4. اكتب المسودة الأولى
- لا تتوقف كثيرًا عند التفاصيل.
- ركّز على سرد الفكرة كاملة من البداية للنهاية. الهدف هو إخراج القصة كاملة على الورق دون نقد.
- اترك المجال للإبداع والحوار الداخلي
5. راجع وعدّل
- اقرأ القصة بصوت عالٍ وبعين ناقدة.
- عدل اللغة، وتأكد من تماسك الأحداث.
- حسّن الحوارات والوصف.
- أعد كتابة الأجزاء الضعيفة.
- اطلب رأي الآخرين.
وفي النهاية نلخص لك الخطوات الأساسية لكتابة قصة فعالة:
- تحديد فكرة واضحة: ابدأ بتحديد الرسالة أو الفكرة التي تريد إيصالها من خلال القصة.
- بناء حبكة متماسكة: احرص على تسلسل الأحداث بشكل منطقي ومترابط، مع تصاعد التوتر وصولًا إلى الذروة.
- تطوير شخصيات معقدة: اجعل شخصياتك متعددة الأبعاد، تُظهر تطورًا وتفاعلًا مع الأحداث.
- اختيار بيئة مناسبة: حدد الزمان والمكان المناسبين لأحداث القصة، بما يُعزّز من مصداقيتها.
- استخدام أسلوب سرد جذاب: اختر أسلوب السرد الذي يُناسب قصتك، وكن حريصًا على جذب انتباه القارئ.
- إدخال صراع فعّال: اجعل الصراع جزءًا لا يتجزأ من القصة، يُحرّك الأحداث ويُطوّر الشخصيات.
0 تعليقات